المركز التاسع:
آخِرُ الحَواريِّين
حيدر خشان الجابري (العراق)
أسيرةُ وَجْدٍ وهْوَ عاشقُها الصَّبُّ
فأسْرى بهِ إذْ شفَّ خاطرَهُ الُحبُّ
تراءى لديهِ اللهُ في أرضِ كربلا
“وأقربُ من حبلِ الوريدِ بهِ القُرْبُ”
فصالَ وكانتْ تتَّقي كبرياءهُ
وتسقيهِ مِنْ رمضائها السوحُ والحَرْبُ
توثَّبَ لا مُستكثراً كَثرةَ الثَّرى
ولا مُستفَزّاً حينَ جَلَّ بهِ الخَطْبُ
أشارَ على هاماتِهم أنْ ترجّلي
عَنِ الكِتـْفِ، وَلْيحصدْهمُ الصَّارمُ العَضْبُ
فخُيِّلَ أنْ جاءتْهمُ سَكْرَةُ الرَّدى
وكلُّ الأماني في وساوسِهمْ نـَهْبُ
وشَيَّعَهُ رَكْبُ الإبا في نزولِهِ
عنِ السَّرْجِ ، والأمْلاكُ مِنْ حولِهِ سِرْبُ
فنالَ بِها ما لمْ ينلْهُ ابنُ مريمٍ
لِيَحْفِلَ في كِلْتيهِما الذَّبْحُ والصَّلْبُ
ووحْدَكَ لـمّا طِحْتَ لمْ تتّكئْ على
عزيزٍ، فطاحوا قبلَكَ الأهْلُ والصَّحْبُ !
فأغْرَتْ دِماكَ الحُمْرُ ريّانَ مائها
وهانَ على ساقِيهما الشُّحُّ والجَدْبُ
فَشابَ لـِمَعْناكَ الذي ما وراءهُ
وشاخَ بِهِ مَنْ كان في دربهِ يحْبو
ولولاكَ لمْ تعرِفْ رُبــــًى ما يَسُرُّها
ولولاكَ كادَتْ للذي هانَها تصْبو
ولَمْ تَدْرِ ما الدَّمْعُ الذي يَسْتَفِزُّها
مِنَ العينِ ، إلّا حينما دَمَعَ القَلْبُ
ولمْ نصْطَبرْ للفَقْدِ إلّا بفقْدِهِ
لنُدرِكَ ما في كربلا ما هُو الكَرْبُ
فكانتْ لَهُ لـمّا سَقاها شَحِيحَةً
وكان به لـمّا سقَتْهُ المنى شَخْبُ
فتـًى عَفْوُهُ عَفْوُ النَّبـيِّ وَحَزْمُهُ
عَليٌّ ومِنْ بُقيا شمائلِهمْ ضَرْبُ
وجُرْحٌ بليغٌ ما أشارَ لِفِتْيةٍ
على اللهِ إلّا مِنْ مضاجعِهمْ هَبُّوا
سيُلقي على ليلِ العراقِ قميصَهُ
ويَبـْرأُ مِمَّنْ زيَّفَ الجُبُّ والذِّئْبُ
ويَخْضَرُّ حقْلٌ أوحشَتْهُ مناجلُ الـ
ـخياناتِ ، والأحقادُ من حولهِ تَرْبو
فإنَّ بلادَ الميِّتينَ يتيمةٌ
وأقسى على قَلْبِ اليتيمِ بها النَّدْبُ
وما رُفِعَتْ إلّا وهـِيْ تستحقُّهُ
وما نُصِبَتْ إلّا ولاقَ بها النَّصْبُ
لِذا أُمَّةٌ عَطْشى وأُخْرى رَويّةٌ
وأنتَ بِلا هذي وذي مَوْرِدٌ عَذْبُ
ويطلُعُ فجْرٌ بعْدَ حالِكِ ليلةٍ
وشرْقٌ عراقيُّ الضُّحى ما لَهُ غَرْبُ
فشتّانَ ، مَنْ يَعْلو بهِ نُبْلُهُ ومَنْ
يحاوِلُ أنْ يعلو بهِ الشَّتمُ والسَّبُّ
فقالَ لهمْ للهِ ما جئتُ أبتغي
لكمْ في الهوى رَبٌّ وليْ في الهوى ربُّ
المركز العاشر:
مسرى بتمتمة الجراح
قاسم العابدي (العراق)
في الليل حيثُ الصّمتُ تاهَ بظلِّهِ
والشّوكُ في الصّحراءِ غاصَ برملِهِ
يمشي الفتى القُدسيُّ يحملُ كاهلَ
ال دّنيا ويُلقيها بلمعةِ نَصلِهِ
لكنَّ في عينَيهِ حزنَ نبوءةٍ
ألقَتْ مَراسيها بمرفأ رَحلِهِ
يهفو إلى المسرى ويبصرُ ما أتى
من ذلك الأفقِ العجيبِ بسُؤلِهِ
تركَ الحجازَ وراءَهُ وأتى إلى
تربِ العراقِ وقدْ أتاهُ بأهلِهِ
ورأى على ذاكَ التّرابِ مصارعاً
للأصفياءِ الناطقينَ بفضلِهِ
وأتى صباحُ الطّفِّ كانَ مُكلَّلاً
بخُطى الجراحِ ولوحةٍ مِن فَصلِهِ
الخيلُ في الميدانِ تصهُلُ بالبُكا
لكنَّ حقدَ القومِ باحَ بغِلِّهِ
ورنا الحسينُ إلى القلوبِ فلمْ يجِدْ
إلا قلوبَ التاركينَ لنهلِهِ
لكنَّ في أضلاعِهِ قلباً رأى
أنَّ الحقيقةَ تستقيمُ بقتلِهِ
فمَشى وجنحُ الموتِ رفرفَ فوقَهُ
حتّى كأنَّ الموتَ تاقَ لوصلِهِ
ماعادَ في الأكوانِ ثمّةَ مقلةٌ
إلا ترامَتْ في منابعِ بَذلِهِ
النَّبلُ من كلّ الجهاتِ أتى إلى
أحضانِهِ شوقاً ولاذَ بنُبلِهِ
والسّيفُ إذ ألقى خُدودَ شفارِهِ
في نحرِ من ملأَ الزّمانَ بعَدلِهِ
قد كانَ يُبصرُ فيهِ مِحرابَ السّما
فأتى ليرويَ مِنْ تفانِي وَبلِهِ
وهنا توقَّفَتِ الحياةُ فقُطبُها
نزفَتْ دِماهُ على خرائطِ طَلِّهِ
لكنَّ مِن ذاكَ النزيفِ تَدوَّنَتْ
لغةُ الإباءِ على رحابِ سجلّه
نتائج مسابقة شاعر الحسين الثالثة عشرة 1443 / 2021
المركز
|
الشاعر
|
البلد
|
النص
|
1
|
السيد علوي السيد أحمد الغريفي
|
(النعيم – البحرين)
|
|
2
|
حبيب علي المعاتيق
|
(القطيف – السعودية)
|
أسئلةٌ على ضفاف النهر
|
3
|
سيد أحمد هاشم العلوي
|
(السنابس – البحرين)
|
إِذا اشتَـعَـل اشتَـغَـل بالغِــنَاء
|
4
|
د. أحمد جاسم مسلم الخيّال
|
(بابل – العراق)
|
ما لم يُروَ من اعتذاريّةِ
(نهر العلقمي)
|
5
|
محمد جبار لفته
(محمد العبودي)
|
(العراق)
|
|
6
|
ناصر زين
|
(السنابس – البحرين)
|
عُروجٌ بجَناحِ (فُطْرُس)
|
7
|
إيمان الشاخوري
|
(الشاخورة- البحرين)
|
تجهيز الراية
|
8
|
فيصل ميرزا النوري
|
(السنابس – البحرين)
|
|
9
|
حيدر خشّان ياسين الجابري
|
(الناصرية – العراق)
|
آخِرُ الحَواريِّين
|
10
|
قاسم عبدالعباس راضي العابدي
|
(الديوانية -العراق)
|
|
تغطية صحيفة الوسط البحرينية للمهرجان الأول 2008م
مسابقة «شاعر الحسين» ترشّح التتان وثلاث شاعرات للمراكز الأولى
البلاد القديم – محرر الشئون المحلية
16 مارس 2008
نظّمت الحسينية المهدية بالبلاد القديم مساء الجمعة الماضي، مهرجانها الشعري الأوّل تحت عنوان «مسابقة شاعر الحسين»، وشارك فيها أكثر من 60 شاعرا من الجنسين، من مختلف مناطق البحرين، بالإضافة إلى عدد من المشاركين من المملكة العربية السعودية والكويت والعراق والأردن ولبنان. وقد تم اختيار 13 قصيدة لدخول التصفيات النهائية لتخضع للتحكيم على مستويين: الجمهور ولجنة التحكيم.
ابتدأت الأمسية عند الساعة الثامنة مساء، وحرص عددٌ كبيرٌ من الجمهور على البقاء حتى الساعة الحادية عشرة للاستماع إلى إلقاء القصائد مباشرة من الشعراء، أو ممن ناب عن الشاعرات المشاركات، كما كان واضحا تفاعل الجمهور واهتمامه بمعرفة النتيجة النهائية والتصويت لاختيار «شاعر الحسين».
كما شارك الشاعر غازي الحداد بقصيدة قبيل ختام الحفل حازت إعجاب الجمهور.
كان لافتا المشاركة النسائية، فمن بين 63 قصيدة تلقتها اللجنة المشاركة، كان من بينها 10 قصائد نسائية، وكان أصغر المشاركين فتاة في الخامسة عشرة من عمرها. كما كان هناك ثلاث شاعرات من مجموع 13 بلغوا التصفيات النهائية، وحزنَ على المراكز الثاني والثالث والرابع.
وبعد الاستماع إلى إلقاء القصائد التي دارتْ جميعها حول قضية الإمام الحسين (ع) وثورته الخالدة، تم فرز أصوات الجمهور، الذي رشح الشاعر الشاب مجتبي التتان، للفوز بكأس المسابقة. وبعدها أعلنت لجنة التحكيم أسماء الشعراء الخمسة الذين حصلوا على جوائز نقدية قام بتسليمها الشيخ عبدالجليل المقداد، وحصل التتان أيضا على ثقة لجنة التحكيم إذ اختارت قصيدته «سدرة الجرح» للمركز الأوّل. وحازت المركز الثاني قصيدة «كربلاء مصب الجرح»، للشاعرة أمل الفرج، وهي شاعرة من منطقة القطيف بالسعودية. ونالت المركز الثالث الشاعرة زينب الليث على قصيدتها «في حضرة الضوء»، والمركز الرابع زهراء أحمد كاظم على قصيدتها «جراح رملة»، والمركز الخامس محمد مرهون لقصيدته «الحسين على نار هادئة».
وتشكلت لجنة التحكيم من عدد من الناقدين المعروفين والمتهمين بالأدب الحسيني، في مقدمتهم الشاعر غازي الحداد، والناقد الأدبي حبيب آل حيدر، إلى جانب الناقد زكريا يُوسُف (محرر ثقافي بإحدى الصحف المحلية)، و الناقد جعفر المدحوب (بكالوريوس آداب لغة عربية).
ويسعى هذا المهرجان الشعري لإبراز الشعراء المهتمين بالقصيدة الحسينية، التي يغلب عليها الرثاء والمدح والحماسة الدينية التي تُعلي من شأن القيم والمبادئ الإسلامية الأصيلة التي ارتبطت بكربلاء عبر التاريخ. وتهدف اللجنة المنظمة إلى أنْ يتحوّل المهرجان إلى فعالية سنوية، فيما يذهب البعض إلى تفضيل تنظيمه في السنوات المقبلة خلال شهر صفر، استفادة من الأجواء الروحية العامّة التي يخلقها إحياء المناسبات الدينية.
وأوضح رئيس لجنة التحكيم الشاعر غازي الحداد بأنّ «فكرة المسابقة جاءت لإبراز القصيدة الحسينية، وإعطائها المكانة التي تستحق».
وأضاف «لدينا في البحرين حشدٌ من الطاقات الشعرية التي تحتاج إلى اهتمام من قبل المؤسسات الحسينية» لافتا إلى أنّ مهرجانات السنوات المقبلة ستشهد اهتماما أكبر، إذ أنّ اللجنة المنظمة ستبدأ في الاستعداد خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وأبدى الحداد ارتياحا للإقبال الكبير من قبل الشعراء من داخل البحرين وخارجها على المسابقة، كما وصف استقطاب المهرجان إلى الجمهور «دليل على أثر القصيدة الحسينية، والمكانة التي تحتلها في النفوس «.
العدد 2018 – الأحد 16 مارس 2008م الموافق 08 ربيع الاول 1429هـ
http://www.alwasatnews.com/news/284146.html
القصائد المتأهلة في مسابقة شاعر الحسين الأولى 2008م
ادخل على الرابط التالي للاطلاع على النصوص المتأهلة في مسابقة شاعر الحسين الأولى:
قِــيامَـةٌ هَاربَـــةٌ إلى الظّـــلِ
سيد أحمد هاشم العلوي
(السنابس – البحرين)
هَــذِهِ الجِداريَّةُ تُــوَثّــقُ أوَّلَ خُطوةٍ نــقَــشَها الحُسَينُ على ( صِراطِهِ المُستـقِـيم )، حينَ سَارَ بالرَكبِ والقيامَةُ تتعقَّبهُ رُمحاً رُمحاً ، حتى وَصَل إِلى كرْبَلاءَ … حيثُ ظِلُّ الله.
لَمْ يَكْترِثْ لِلمَوتِ
شَدَّ غِيابَهُ …
ومَضى يُخرّقُ باليَــقينِ ثِــيَابَهُ
أرْخَى حَقائِبَهُ
الجَريحَةَ فوْقَ نهرٍ ،
ثمَّ ذاقَ مِنَ الجِراحِ شَــرَابَهُ
( لمْ
يدْرِ أينَ يُنِــيخُ )1
قلباً مُرهقاً
فعَلى سُيوفِ الهَمِّ حَطَّ (رِكابَهُ)
هَـوَ
مُذْ تلبَّسَهُ الرّحيلُ خَريطَةً مَنْـــفيّةً
والموتُ يَطرُقُ بَابَهُ ..!
مَا مرّ بالصَلصَالِ
إلا خُطوتينِ
وقَطرَتينِ
مِنَ النّــدَى فأذابَهُ
ومَشى
لِيُسرِجَ في عُيونِ اللـيْلِ قُرآناً
يُــقطّرُ في المَدَى أهْدَابَهُ
ويَخُطَّ لِلشهَـدَاءِ
ضَوءًا بَرْزخيًّا
يا لقلبٍ يَحتوِي أصْحابَهُ
الخُطوةُ الأوْلى ..
يمُدُّ اللهُ فيهَا ظِلَّهُ
يُزجِي إليهِ سَحَابَـــهُ
الخُطوَةُ الأوْلى ..
تخَضّرَ تَحْتها خَدُّ السَّماءِ
فأوْرقَتْ أعْشابَهُ
يَا كَمْ
أرَاقَ على رَصِيفِ الحُزنِ حُزناً آخَراً،
ورَمَى عَليهِ (كِتابَهُ)
الرَّملُ يَـشْربُ مُـقْـلتيهِ
ومَا بَكَى إلّا لِيَغْسِلَ بالدُّمُوعِ عِتابَهُ
فهُوَ المسَافة بينَ (رُوحٍ) لا تطِيرُ
وبينَ (ريحٍ) أطْلقتْ أسْرَابَهُ
ومَضَى
يُثــقّـفُ في (الصِفاحِ)2 خُيولَهُ ،،
ويُــقِــيمُ في كَفِّ القَضَا أقْتــَـــابَهُ
مَنْ أنتَ قالَ؟
-أنَا (فرَزْدقُهُ)
الْذي طَحَنَ القصيدَةَ واشتَهَى أَسْبابَهُ
وَأنَا (اخْتلاجَةُ طَائرٍ)3
سَقطتْ عَلى رمْلِ الطفُوفِ
وأنشدَتْ(سَـيّابَهُ)
ومَشى مَسَافةَ شمْعتينِ
إلى (زَرودَ)4
يُضيءُ للمَسْرى البَعيدِ شِهَابَهُ ،،
حَيثُ الصَّهيلُ
يَـفرُّ مِنْ سِجنِ الخُيولِ العَادِياتِ
ذهَابَهُ
وإيابَه ُ
ويُجَعْجِعُ العَطشى
ويسْرقُ خَوفَهمْ مِن هودَجٍ
سَدَلَ العَـفافُ حِجابَهُ
ينسلُّ مِن جلبَابِهِ
(وحيٌ) عِصامِيٌّ
يُورّثُ ” لاءَهُ ” أصْلابَهُ
حَتى إذا ..
عَمِيتْ عُيونُ النَّهرِ
أبْصَرها
وألقى فِي المَدَى جِلبابَهُ !
الوقتُ
دقَّتْ فيهِ لحْظةُ (يَا حُسينُ)
كأنّه وجْهٌ يُذلُّ صِعابَهُ
الوقتُ
يَرصِدُ طِفلةً حُرقتْ عباءَتُها
فلمّتْ (خوفَها وسَرابَهُ)
يَمْشي كَأَنْ ..
لا شيْءَ يُوقِفُ نزفَهُ
إلّا رَصَاص الخالدينَ أصابَهُ
هُوَ
حينَ صفَّــفَ وردَهُ
فكأنَّهُ جيشٌ مِن النسرينِ مَدَّ رِقابَهُ
عرَّيتَ أسْئلةَ الزمَانِ
نزفْتَ ورداً مِن ثــــقوبِ النَّايِ
كُنتَ خِضابَهُ
ولذاكَ
حينَ بقيتَ
تحْفرُ في الزمَانِ الكَهلِ
صُرْتَ مَدى الزمَانِ شبَابَهُ ..!
سَلبوا وشاحَكَ
مِنْ يدِ المَلكوتِ
يَا سِفراً يُغطّي في العَرَا سُلّابَهُ
نكسُوكَ
فانقلبَ الوُجودُ
وضَجَّت الأوْراقُ !!
وابتلعَ الجَفافُ رُضابَهُ !
نكسُوكَ
فارتجفَت جهنَّمُ ..
يَا حبيبَ اللهِ إنَّ اللهَ صَبَّ عَذابَهُ !
للعَائدينَ
بِلا طَريقٍ
حينَ شمّوا فِي تُرابِ العَاشقينَ تُرابَهُ
للسَّائلينَ
مَن الذي سَألَ الفُراتَ عَن الفراتِ
ولا حَمَامَ أجابَهُ ؟؟
للعَابرينَ
معَ (الهَداهِدِ) خَيمةً
(بلقِيسُ) تَــنْزعُ فِي الخِيامِ حِرابَهُ
يَا ..
أوَّلَ الآتينَ مِن حُزنِ العِراقِ
حَمَامَةً نقشَتْ عليهِ قِبَابَهُ
خُذني كأيِّ حَصِيرةٍ مَمْزوقةٍ
العُمرُ يغْرزُ في ضُلوعِي نَــــابَهُ
هَا جئْتُ ،،
في (رحْلي صُواعٌ)
مــــن شمُوعِ الطَّــفِّ
أشعَلتْ الدُّموعُ ثِــــقابَهُ
أدريْكَ تعْرفُني ،
خَطايا حِنطتي ،
مَلِكٌ يجُرٌّ إلى الفقيرِ جِرابَهُ !
-هَذا أنا ..
-هذي جِراحُك ،
فامْلأ المَعنى جِراحاً
كيْ تُـفــــيضَ قِرابَـــــــهُ
مُذْ
كُنتُ (طِفْلاً)
كُنتَ (ظِلّاً) فِي رُؤايَ ،
أجِيءُ مِن قَــلقي أُعيدُ مُصَابَهُ
يَا مِعْطفَ الشهدَاءِ
ينْـــفضُ كُلَّ جُرحٍ لا يَــعِي
أنَّ الخُلودَ انتابَهُ
مَــرَّتْ قوَافِلُ مِن رمَاحٍ
خرّقتْ جَسَدَ الصَّلاةِ
فمَا رأتْ مِحْرابَهُ
هَربتْ إلى
(الظِّلِّ) القِــيَامَةُ
حِينَ مَــَّر (الرأسُ) مَــقطوعاً
يُشِيعُ خِطَابَهُ!
ويقولُ: يَا موتُ !
استفقْ مِنْ رعْـشةِ السَّكْرى
فقدْ أخَــذَ الدَّعيُّ عِقــَــابَهُ !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1: تضمين من قصيدة للسيد جعفر الحلي.
2: المكان الذي التقى فيه الإمام الحسين بالفرزدق.
3: تضمين من نص (خطاب إلى يزيد) للشاعر بدر شاكر السياب.
4: من المنازل التي نزل بها الإمام الحسين أثناء طريقه إلى كربلاء.
التَّلُّ .. بِوَصْفِهِ (شَاهِد عيَان)
ناصر زين
(السنابس – البحرين)
بينَ يدي اللهِ .. يَقفُ ( التَّلُّ ) شَاهِدًا وشَهِيْدًا يَحكِيْ عَنْ ( سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ ) و) امْرَأَةٍ / نَهْرٍ( شَايَعَتِ القُرْآنَ قَتِيلًا بِحُرُوفٍ خَطَّهَا الوَجَعُ هَوَادِجَ وَدُمُوعًا وَأحلامًا :
لـ(السُنْبُلاتِ الخُضْرِ) حُلْمٌ فَارعُ
وَفَمُ المَشِيئةِ هَوْدَجٌ
وَ(وَدَائِعُ)
للدَّمْعِ مَنْفَى الرَّاحِلينَ ..
وخَيْمَةٌ تَدنُو إِلى نَحرِ الحُسَينِ ..
تُبَايِعُ
وَطَنٌ مِنَ الوَجعِ الفَتِيِّ
وَلَوْنُهُ يَخْبُو
فَيُوقِدُهُ ( القَتِيلُ النَّاصِعُ ) !!
مُذْ كَانَ كَانَتْ ..
– وَالجِهَاتُ غَرِيْبَةٌ –
نَهْرًا يُسَافِرُ فِيْ الهُدَى ..
وَيُشَايِعُ
هَطَلتْ بِغَيْمَاتِ الكِتَابِ ..
فَشَجَّرَتْ طَفَّ القدَاسَةِ،
وَالنُّحوْرُ شَرَائِعُ
فَتَعَانَقَ الشَّجَرُ المُجَزَّرُ
والسَّمَا
وعِنَاقُ كُلِّ الأَنْبِيَاءِ مَوَاجِعُ
سَارَتْ بِأَنْهَارِ الجَلالِ
فَأَوْمَأَتْ للمُتْعَبينَ ..
« أَيا نَوَارِسُ:
سَارِعُوا !! .. »
هَذِيْ الحَقِيقَةُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا للهِ ..
و( الكَفُّ المُقَطَّعُ ) قَارِعُ !
و( الخُنْصُرُ المَبْتُوْرُ ) يَرسمُ وِجْهَةً للنُّوْقِ،
حَيثُ الدَّربُ مَوْتٌ ضَائِعُ
نَقَشَتْ بلَوْنِ المُسْتَحِيلِ
مَلاحِمًا
والجُرحُ فِيْ نَقشِ المَلاحِمِ بَارِعُ !!
جُرْحٌ يُرَتِّلُهُ الحُسَيْنُ بِكَرْبلا
بَعْثًا جَدِيدًا ..
قَدْ سَقَتْهُ مَصَارِعُ
– هَلْ أَنتِ مُعجِزَةُ الخِيَامِ ؟! ..
– نَبِيَّةٌ ؟! ..
– ( لَوْنٌ حِرَائِيٌ ) ؟! ..
– صَبَاحٌ يَانِعُ ؟!
– أَمْ أَنَّكِ ( البَلَدُ الأَمِينُ )
وخَلْفها ارْتَحَلَتْ مَساجدُ حُزنِهَا
وجَوَامِعُ ؟!
– مَنْ أَنْبَأَ الأَشْلاءَ : « حَجٌّ أَكْبَرٌ هَذا .. »
فَسَالَتْ بالجِرَاحِ ( مَنَافِعُ ) ؟!
– مَنْ صَاحَ بالسِّكِّيْنِ: « لا تَتَقَدَّمِيْ .. »
إِنَّ الحُسَينَ مَعَ المَلائكِ
خَاشِعُ ؟!
قَلَّبْتُ أَسْئِلَةَ النَّهَارِ .. !!
وفَجْأَةً وَقفَتْ عَلَى ( تَلِّ السَّمَاءِ ) ..
تُمَانِعُ !!
وَقفَتْ ..
وتَارِيخُ الدِّمَاءِ مُعَبَّأٌ بالغَيْبِ،
والصَّوْتُ المُقَدَّسُ سَاطِعُ :
« اللهُ فِيْ صَدرِ الحُسَينِ مُؤبَّدٌ
لَنْ يُذْبَحَ اللهُ البَصِيْرُ السَّامِعُ » !!
رَكَضَتْ ..
وخَلْفَ الدَّمْعِ يَرْكُضُ حُلْمُهَا
فَتَعَثَّرَتْ ..
والرَّملُ شِلْوٌ هَاجِعُ
لَمْ أَلْتَفِتْ ..
إِلَّا ( يَسُوْعُ ) مُسَارِعٌ فِي ذَبْحِهِ ..
حَيْثُ الحُسينُ يُسَارِعُ !!
وَدُمُوعُ )سَيِّدَةٍ( تَمدُّ برُوحِها نَحْوَ ( المَسِيْحِ ) ..
وَثَمَّ مُهرٌ رَاجِعُ
وبجَفنِ (زَيْنَبَ) تَسْتَرِيحُ مَلامِحُ القَتْلَى ..
فَتَعبُرُ فِيْ السُّؤالِ فَظَائِعُ !! :
-
« أَمُحَمَّدٌ هَذا ..؟! »
فَصَكَّتْ وَجْهَهَا :
-
« .. هَذا (ذَبِيحُ اللهِ) وهوَ يُنَازِعُ !! .. »
وكـ( أُمِّ مُوسَى )
والمَوَاجِعُ وَحْيُها ..
وَرَضِيعُهَا قَدْ غَادَرَتْهُ ( مَرَاضِعُ )
أَلْقَتْ عَلَى كَتِفِ الفُرَاتِ رِسَالَةً
كَتَبتْ: سَيَحملُها الرَّضِيعُ الوَادِعُ !!
وكَأنَّ ( تَابُوتَ السَّكِيْنةِ ) حَامِلٌ وَطَنًا بـ( يَمٍّ) دَاهَمَتهُ طَلائِعُ !
وكَأنَّهُ ( الصِّدِّيقُ )
جَاءَ بِـإِخْوَةٍ
رُدَّتْ إِلَيهِمْ – في الطُفُوْفِ – بَضَائِعُ !
فَدَنَوْتُ ..
حَيْثُ الظَّامِئُونَ،
وَخَيْمَةٌ عَزَفَتْ مُوسِيقَاهَا،
وَلَحْنٌ فَاجِعُ
نَايٌ،
ونِيرَانٌ،
خُيولٌ،
غُربَةٌ،
مَوْتٌ،
صِغَارٌ،
نِسوَةٌ
ومَدَامِعُ
خَطَّتْ بِأَقْلامِ النُّبُوَّةِ مَوْعِدًا ( لِلقَتْلِ )
مُذْ بَرَزَتْ هُنَاكَ ( مَضَاجِعُ )
بِحُرُوْفِهَا الزَّرْقَاءِ تَشْتَعِلُ الرُّؤَى
مَاءً فَمَاءً ..
والإِبَاءُ مَنَابِعُ
تَسْقِيْ الدُّهُورَ ..
تُرَوِّضُ الصَّحْرَاءَ ..
تَحْتَرِفُ العُبُورَ بِجُرْحِهَا ..
وَتُقَارِعُ
وَبِثَغْرِها الكَوْنِيِّ
( طُوْفَانٌ ) مِنَ الكَلِمَاتِ
يَنْمُو سَيْلُهُ المُتَدَافِعُ :
«.. وَلَقَدْ ذَهَبْتَ بِعَارِهَا وشَنَارِهَا.. »
فَتَجَذَّرَتْ – رُغْمَ الخُيُولِ – أَضَالِعُ !!
« لا عَاصِمَ اليَوْمَ .. »
– انْهِمَارُ قِيَامَةٍ –
صَرخَتْ .. !!
ونَحرٌ – كَـ( السَّفِيْنَةِ ) – شَاسِعُ !!
مِنْ لَحظَةِ اللهِ
السَّمَاءُ تَفَجَّرَتْ
وكَأنَّ رَأسَ السِّبْطِ أُفقٌ سَابِعُ !!
لَا الشَّمْسَ تَطْلُعُ ..
وَالرمَاحُ تَكَسَّرَتْ فِي رَأْسِهِ
حَيْثُ الشُّمُوخُ مَطَالِعُ
فَحَفَرْتِ مِنْ كَفِّ الحُسَيْنِ حَضَارَةً أُخْرى
وَإِنْ قُطِعَتْ إِلَيْهِ أَصَابِعُ !!
فَتَقَاطرَ الثُّوَّارُ
حِينَ تَقَاطَرَتْ فِيْ الأَرْضِ ( عَاصِمَةُ الإِلهِ )
تُدَافِعُ
وبِهَوْدَجِ الأَوْطَانِ حَطَّتْ آيَةً
حَمْرَاءَ
رَتَّلَها العِرَاقُ اليَافِعُ :
لَوْلا ( الهَوَادِجُ )
والحُسَينُ
لهُدِّمَتْ بِيَعٌ،
صَلَاةٌ،
مَسْجِدٌ،
وَصَوَامِعُ !!
سادِنٌ في حَضرةِ الغيب
علي حسن المؤلف
(جدحفص – البحرين)
واقفٌ بين يديْ الحسينِ بن عليٍّ عليهما السلام، وقفةً بينَ يديْ اللهِ سبحانه وتعالى، واقفٌ في حضرتِهِ كاتبَ غيبٍ كما كتبةُ الوحيِ فيقولُ عليه السلام: “أكون أول من تنشق الأرض عنه، فأخرج خرجة توافق خرجة أمير المؤمنين وقيام قائمنا، ثم لينزلن عليَّ وفد من السماء من عند الله، لم ينزلوا إلى الأرض قط ولينزلن إليَّ جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وجنود من الملائكة”.
وقوفٌ إلَهيٌّ وَبَعثٌ مُزامِنُ
وثمَّ وجودٌ في المَشيئَةِ كامِنُ
تَداخَلَت الأَبعادُ بَعضًا بِبعضِها
طِباقًا طِباقًا
ما هُناكَ تَبايُنُ
وَحلَّت يدُ التَّوقيتِ أَزرارَ ثوبِها
كأنَّ تعرِّي الوقتِ في الوقتِ آمِنُ ..!
كَثيفٌ مَدى الرَّائينَ
مُشتَبِكُ الرُّؤى
وأَمَّا نسيجُ الضَّوءِ رثٌّ وواهِنُ
مَلائِكةٌ سدُّوا فَمَ الشَّمسِ وانبَروا
فُأُطفِئَ مُبْيَضٌّ وأُلهِبَ داكِنُ
أكادُ أَرى قَوسَ الصُّعودِ
ومَوعِدَ التَّجرُّدِ
لَكنَّ السَّرابَ مُداهِنُ
يُرينيَ فألًا لَستُ أَقرأُ بَختَهُ
فما أناْ عرَّافٌ وما أَناْ كاهِنُ
وما أناْ إلا شاعِرٌ
متنبِّئٌ
على فِكرَةِ الخلقِ الجديدِ أُراهِنُ
تخلَّقتُ في نصِّ القصيدَةِ رجعَةً
على مَتنها مِن مَتنها تَتهاتَنُ
هنا حيثُ مِعراجُ المُثولِ
وَمبلَغُ التَّراقي
استعادَ الرُّوحَ من بِكَ آمَنوا
تَجلَّوا وجوديِّينَ مِنْ عَدميَّةٍ
لِتشخَصَ أَجسادٌ
وتَعفى مدافِنُ
تَشقَّقُ عَنكَ الأرضُ أَوَّلَ شَقِّها
ووجهُكَ – يا وجهَ الأُلوهَةِ – فاتِنُ (١)
هِيَ النَّشأةُ الأُخرى
لَويتَ زِمامَها
يَدٌ تُمسكُ الدُّنيا وَأُخرى تُعايِنُ
كَأنَّكَ للِأسماءِ ماحٍ ومثبتٌ
وما لمْ يكُنْ طوعًا لأمرِكَ
كَائِنُ
وقوفًا سماويًّا وقفتَ مُبشِّرًا
تَلي النَّاسَ منْ همُّوا
ولَم يَتهاونوا (٢)
هُناكَ اصطفافٌ للمُريدينَ لائِحٌ
بِهِ لوَّحتْ لِلمحسنينَ المحاسِنُ
تَراءيْتَ محضَ المحضِ
مَرأىً مقدَّسًا
كأنَّكَ ظِلُّ العرشِ في النُّورِ طاعِنُ
لِطِينَتِكَ النُّوريَّةِ انقدتُ عاشِقًا
وَمن قَدمي انْسلَّتْ قرىً وَمدائِنُ
فَأُوجدتُ مَعلولًا
وأُوجدْتَ عِلةً
وَكُنهُكَ مخفيٌّ وَكُنهُيَ بائِنُ
كلانا حوارٌ لا شَفاهٌ تنثُّهُ
إذا قلتُ : ما اسمُ اليومِ ..؟
قلتَ : التَّغابُنُ ..!
هَلْ السَّاعةُ الآنَ : القيامَةُ ..؟
كَمْ إذنْ ..!
سُؤالي رمادِيُّ الملامِحِ آسِنُ
أغصُّ بِهِ كالرِّيحِ غصَّتْ بِأنِّها
فَلا هِيَ تَحدُوهُ ولا هُوَ ظاعِنُ
أناْ الهاجِسُ المشَّاءُ
خلفَ توجُّسي
إذا التَبستْ بالممكناتِ الكوامِنُ
خُطايَ غريباتٌ تَبعثرنَ في السُّرى
لَهنَّ منافٍ ما لَهُنَّ مَواطنُ ..!
عبرتُ صِراطَ الحقِّ
باسمِكَ مُمْسكًا
وما يُيْسِرُ الهُلاَّكُ إلاَّ أُيامنُ
أناْ الهاجِسُ المشَّاءُ
عَينُ تيقُّني
إذا انهمرَتْ لا تستريبُ الأَماكِنُ
أُقدِّسُ دَمعاتي بِحقِّكَ إنْ جَرتْ
فما هُنَّ دمعاتٌ ولَكِن سفائنُ
تمخَّضَ عُمري عَنكَ
مخضَ عَقيدَةٍ
وِإنْ هادنَ العُشَّاقُ ليستْ تُهادِنُ
فمعدنُ ذاتي لا يَلينُ صَلُودُهُ
إذا اختُبرتْ بالمغرياتِ المعادِنُ
مرايًا مِنَ الرِّيحِ المُسوَّمَةِ انتضتْ
سكاكينَها طعنًا
وأنتَ المُطاعَنُ
ولولاكَ مَطعونَ الشَّهادَةِ والهُدى
بِجنحيْ أَذانٍ
لم تَرفَّ المآذِنُ
ظماكَ الَّذي نهرُ الفُراتَ مَدينُهُ
سيذكُرُهُ الظَّامونَ ما دانَ دائِنُ
إذا أدركتْ معناكَ
آفاقُ جُملةٍ
لِما أثبتَ الإدراكُ تُنكرُ لَكِنُ
أَنا خارِجٌ منِّي وإنَّكَ داخِلٌ
وَكلِّيَ مرهونٌ وَكلُّكَ راهِنُ
عَليكَ أُصلَّي عارفًا بِكَ
وافدًا على اللهِ
يُغريني الوجودُ المقارَنُ
لأَنَّكَ في الأَعلى إمامُ كَرامَةٍ
أيا لَيتني في حَضرةِ الغيبِ سادِنُ
———————————————————————————–
١- ذكر الإمام الحسين بن عليٍّ عليهما السلام مخبرًا عن نفسه: أكون أول من تنشق الأرض عنه.
بحار الأنوار للعلامة المجلسي
٢- عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بنُ عليٍّ عليهما السلام.
مختصر بصائر الدرجات للحسن الحلي
صمت خارج النص
علي مكي الشيخ أبوالحسن
(القطيف – السعودية)
صبوا على
قبرِ القصيدةِ أنهرا
وتوارثوا بمجازها..ما يُفترى
فبثقبِ دمعتها..
توارى شاعرٌ
مقدارَ ما نسيَ الكلامَ تذكرا
عن ظلها
الممسوسِ وهو مضمدٌ
جرحًا يرممُ ما نقولُ وما نرى
عن “حافرٍ” تمشي
عليه سنابكٌ
والرملُ في حسكِ القوافلِ أثَرا
عن ظاعنٍ يمشي
و بوصلةُ المدى
تمشي ليومٍ ضاعَ عن أهلِ القُرى..
وبلاغةُ الجرحِ
المؤثثِ..أسَهما
جمعت كنانتُهُ.. الكلامَ مُعَفَرا
كقميصِ أبياتٍ..
ملامح خيمةٍ
شهق انزياحُ الوحي حين تكسرا
ما لاذ بالكلماتِ
ثغرٌ.. فاغرٌ
إلا وصمت الأنبياءِ ..تفطَرا
مَنْ أوجزَ النهرَ
الذي .. بخيامها
إنَ القصيدةَ ..ذنبُها لن يُغْفرا!!؟
إِلاَّ إذا دخل
الحسينُ ..بجيبها
ونعى له “الجمريُّ” ما أبكى الثرى
وقرأتُ
هامشَ سيرةٍ منقوعةٍ
كادَ ارتباكُ الضوءِ يصبحُ معبرا
مستيقظا فِيَّ
المماتُ كدهشةٍ
عجزتْ رياحُ الوهمِ أن تتستَّرا
مُرّوا على
جسد القصيدة وانصتوا
لفراغها واستفرغوها أكثرا
ستحاولُ
الكلماتُ أن تغتابني
قدمُ الحسينِ بكل قافيةٍ سرى
متشردٌ
فِيَّ الكلامُ كطعنةٍ
مازال يوسعها الظلامُ تحسرا
ما طعمُ
لونِ الحزنِ بين خيامه !!
فعلى جفونِ العرش سال وكبَّرا
مابين قوسينِ ..
الدموعُ سلالمٌ
قد وثقتها “العنعناتُ” عنِ السُّرى
نحتتْ سهامُ
الغدرِ بعضَ طقوسها
فوقَ الخيالِ وحين جاءَ تأخّرا
في الطف
كان الماءُ يفركُ جلده
فوق القصائد كي يكون المنبرا
متحيزا
للحزنِ ساعة يُشتهى
عطشا.. كهيْأةِ مَنْ يرى ما لا يرى
رشُّوا على
جسد الحسين قصيدةً
ممسوسةَ الإيقاعِ تصبحُ خنصرا
واستنسخوا
عطشَ الخيام بقربةٍ
زَمَّتْ ألوهتها اللهيب مُحَرَّرا
عن مُحكمِ
الطعنات ما مَسَّ الردى
وجرى بخاتمِ نقشِهِ ما قد جرى!!
متوكئًا
ظلُ المسافةِ ظلَّهُ..
وسماءَ ذاكرةَ المغيبِ تسوَّرا
فوق اشتباكِ
الشكِ يمحو عارَهُ
ذنبٌ برائحةِ الغوايةِ طُهِّرا
وقميصُهُ
بالأنبياء مُزَرَّرٌ..
فلذاكَ “عابسُ” بالجنونِ تَزَرَّرا
يطهو رمادَ
اللازمان شهيقُهُ
وعلى تمائمِ قبرهِ قد بُعْثِرا
عن نسخةٍ
للعرش تشبه ما أرى
قرأتْكَ “عاشوراءُ” سِفْرًا أَحمرا
ردوا على “جَوْنٍ “
زُحاف قصيدةٍ
كي يستقيمَ به العمودُ مُعَفَّرا
مَنْ أَيقظَ
المعنى بفاصلةِ الرَّدى
فالموت أخطأَ والحسينُ تكررا
طعن المماتَ
وَدَسَّ في أضلاعِهِ
طعمَ البلاغةِ والمجازُ استبشرا
وتآكلتْ
كل الرماح فلم تَعُدْ
“خَطِّيةً” ..”فالرأسُ” يبتكرُ الذُّرى
والخيلُ..
مِنْ خببِ العروضِ ..خبيرةٌ
تعدو ولا تعدو وتقفز للورا
والرايةُ انتصرتْ
لأنَّ خيوطها
لعباءةِ الحوراءِ أضحتْ مصدرا
“لمّوا” بأطراف
الخيام خيالكم
وتقاسموا بالإنزياحِ المشعرا
لا تُزْعجوا
قلقَ القصيدةِ ..إنّما
هِيَ والحسينُ كعاشقٍ نسيَ الكرى
معذورةٌ.
إن لم تكونوا مثلها
فلقد “تأنسن” طبعها واستَأثْرا
لن يفهم
الجرحُ الحسينَ ..لوحدهِ
إن لم “يشعْرِنْهُ” الكَلَامُ مُعَبِّرا
وتقاسموا
بللَ اشتهاءٍ “عاشرٍ”
فرغيفُهُ يَهَبُ القَيامةَ محشرا
قولوا
” لِدِعْبِلَ”..و “الكميتِ” قصائدًا
يصطادها الضَوءُ المُشرَّدُ أدهرا
سيظل
جرحُ الشعرِ يَدْعَكُ جفنَهُ
فالجرحَ إن طالت خُطاهُ تحررا
لا ترهبِ الحوتَ بالبحْر!!
أحمد عباس الرويعي
(القطيف – السعودية)
(١)
إذا الطِّينُ..
جاءَ بعهدِ الكثافةِ للنورِ
سوفَ تفورُ التنانيرُ بالماءِ..
كانَتْ ذيولُ الرياحِ ..
تُحِيطُ السفينةَ
وهي تسيرُ إلى عالمِ الروحِ
كانَ القضاءُ.. أحدَّ من الحدْسِ
يمخرُ نسجَ العجاجِ
لتنفذَ منهُ الحقيقةْ
(٢)
يسيرونَ نحوَ البياضِ..
كأنَّ الضبابَ يهرولُ خلفَ النياقِ
ليتركَ آثارَهُ فوقَ آثارِها..
كلما ظهرَ النصرُ
وهو يرفرفُ فوقَ الهوادِجِ..
تُسمَعُ قعقعةُ السيفِ في الغمدِ
والموتُ..
حينَ رأى “حاجِبَ الربِّ”
يحمِلُ رايَتَهُ في عنانِ الوجودِ
تنحى..
وعصَّب أعينَهُ بالقدَرْ!
(٣)
أناخوا الرِّكَابَ.. وشدّوا الخيامَ..
وجاءوا برمحٍ طويلٍ ..
فحطَّتْ عليه غمَامَةْ
وشقّوا السماءَ قليلاً
فسالَ الخفاءُ..
أحاطَوا مخيمهَم بالسرابِ
وحَمْحَمَتِ الحربُ..
لمّا هوى النجمُ
وانسلَّ فيْءُ اليقينِ بجيبِ الظلامِ
وبانَ على الجيدِ
وهمُ القلادَةْ
(٤)
تنامُ الثعابِينُ فوقَ الوثيرِ
وتبقى بناتُ المشيئةِ
فوقَ حصيرِ الظمأْ!
(٥)
وحينَ غشا الصمتُ..
أخبيةَ الوحيِّ
وانقطعَ الحبلُ في البئرِ
مالَ عمودُ الضياءِ على الأرضِ..
فالتقطَ الفيضُ كفَّ المددْ
(٦)
أنا لم أجدْ غيرَ ظلِّك..
يعبرُ بينَ الخيامِ
يوزعُ تلكَ المشاعلَ في الليلِ
يفتحُ بينَ الضلوعِ بيوتاً إلى النحلِ
ينزعُ من تربةِ الخوفِ جذرَ الحسكْ
وأنتَ هناكَ..
تصلِّي..
فتندكُّ بينَ “التطنجينِ”
والمهدُ جنبَك يهتزُّ
والطفلُ يُرفَعُ فوق الهواءِ
ويطلِقُ أنفاسَهُ للفراغِ
فيصدرُ منها صريرُ الفلَكْ!
(٧)
لقدْ طلعَ الصبحُ..
تمشي..
وخلف ردائك تختبئُ الشمسُ
رأسكُ مُرتَكَزٌ للسحابِ
وكفُّكَ تمسِكُ بالبحرِ
تمشي..
كأنَّ الفراديسَ تصرخُ:
“أقدِمْ علينا
فقد أينعَ اللوحُ
واخضرَّ حبرُ القلمْ”
(٨)
وأسمعُ همهمةً بينَ طفلينِ:
-
“أينَ فؤادُكَ؟”
-
“عند الحسين..”
-
“لماذا إِذاً أنتَ خائِفْ؟!!!”
-
“أخافُ..
بأنْ يجلدَ النخلَ
سوطُ العواصِفْ”
-
“أهل يُطعَنُ الفجرُ عندَ اتساقِ القمرْ!؟”
-
“أجلْ، حينَ تُقطَعُ أيدي السماءِ
ويُذْبَحُ في الغيمِ نحرُ المطَرْ!!!”
-
“وماذا عن السَّهمِ؟”
-
“سوفَ يشقُّ حجابَ الألوهةِ في هيكلِ العرشِ”
-
“والرمح؟”
-
“اَلرمْحُ يحمِلُ رأسَ الحقيقةْ!
فيكشِفُ منديلَهُ الديبقيَّ
وتنقذُ عيناهُ تلك الرؤوسَ الغريقةْ”
(٩)
ولمّا بقيتَ وحيدًا..
تنزّلَ من صفرةِ الغيبِ في شفتيكَ
لتلكَ النواويسِ ماءُ الحياةِ
فأورقتِ الجثثُ الدَاميةْ
(١٠)
تُصِرُّ على الفتح..
والدَّمُ يشخبُ من جبةِ السرّ..
جسمُكَ منغمِسٌ في الحديدِ
وسيفُكَ يقتحِمُ البغيَ
تقبضُ ناصيةَ الكونِ
تمضي..
وجرحُك عشٌ لسربِ القطا!!
(١١)
دماؤك عذبٌ فراتٌ
ودمعُك ملحٌ أجاجٌ
فسبحان من مرجَ البحرَ والبحرَ
في عينِك الحانيةْ
(١٢)
وأما عنِ الموتِ..
حين وقعتَ صريعاً ومتَّ..
أزاحَ العصابةَ عن عينِهِ
فرأى “حاجب الربِّ” فوقَ رماحِ الأبدْ