الكاتب: البلادي
المركز الرابع: الدكتور أحمد جاسم الخيّال (ما لم يُروَ من اعتذاريّةِ نهر العلقمي)
المركز الرابع:
ما لم يُروَ من اعتذاريّةِ (نهر العلقمي)
الدكتور أحمد جاسم الخيال (العراق)
مَن ذا شفيعي
فالمياهُ تكربلتْ
وأنا وحيدٌ في الصحارى أَندبُ
لا حقلَ
يرغبُ أن أزورَ ورودَهُ
لا وحشَ
ظامٍ من ضفافيَ يقربُ
وحدي أمرُّ
ورملُ ذاكرتي دمٌ
جفَّ النهارُ ودمعتي تتخشّبُ
مذ جاءني العبّاسُ حاملَ قِربةً
للآنَ
في قِربِ الغوايةِ أُسكبُ
أَ عصَيتُ ربَّ الماءِ تلك خطيئتي؟!
فأنا بعرفِ الماءِ
نهرٌ مُذنِبُ
فعيونُ مائي
كالظلامِ ضريرةٌ
لا الموجُ يغشاها ولا تُستعذَبُ
عطِشٌ أنا مُذ كربلاء
حكايةٌ بفمٍ عليلٍ
صوتُهُ يتغرَّبُ
أنا شمرُ نهرٍ
والمياهُ قبائلٌ
ومياهُ نهري لابنِ حربٍ تُنسبُ
مذ كربلا
وأنا جراحُ مغامرٍ
للآنَ
يسكنني السرابُ الأكذبُ
لم أدرِ يا عباسُ أنّك قاتلي
حتى رأيتُ شيوخَ موجيَ تُصلبُ
لا ظلَّ لي
شجري تسلَّقَ غربتي
وبلابلي رحلتْ
فمَن ذا يطرَبُ؟!
قد كنتُ قبلَ الطفِّ
نهراً ناعساً
وبوصفي الشعراءُ عِشقاً تطنبُ
فبخلتُ أن أروي الظماءَ بشربةٍ
فظمأْتُ
حتّى لم يَعُدْ ليَ مَشْربُ
عباسُ يا نهرَ الوجودِ
فمن أنا؟!
ما عادَ يرجفُ في خضَمِّيَ كوكبُ
فتأرجحتْ
في اللامكانِ ملامِحِي مصفرَّةً
من عزمِ قلبِكَ تَعجَبُ
قمراً وقفتَ على الضفافِ
مُحارباً جيشاً
ووحدُكَ في الكتائبِ تضربُ
فرأيتُ أبطالَ الحروبِ
كأنّها قطعانَ خوفٍ
من زئيركَ تَهرَبُ
ورأيتُ مائي
كيف لاذَ بنهرِه
من حدِّ سيفكَ خائفاً يترقَّبُ
لمّا دنوتَ
شممتُ عِطركَ سيّدي
وحسبْتُ
أنّي بعد لثمِكَ أَعشبُ
لكنْ رميتَ الماءَ ترجزُ ظامئاً
هيهاتَ
قبلَكَ يا حسينُ سأشربُ
فمُعلَّقاً أضحى الوجودُ بكفِّهِ
فشعرتُ
أنِّي من وجوديَ أُسلَبُ
حاولتُ أن أستافَ من قسماتهِ
أنْ أرتوي منهُ
لعليَّ أخصبُ
حاولتُ يا قمرَ الرجاءِ
وإنّني للآنَ أُنفَى
في القفارِ أُعذَّبُ
ما بينَ عينيكَ السنابلُ أورقتْ
أشتاقُها
فالخيرُ منها يُنجَبُ
أشتاقُ بحراً
من وفاءٍ مُعجَزٍ
أو آيةً
من جودِ صبرِكَ تُسكَبُ
غرقِي بمائِي ليس شيئاً مُبهماً
فالليلُ ينبحُ
والإمارةُ حَوأَبُ
والنّاسُ لا كالنّاسِ
تجمعُ ضغْنَها
تَنسَلُّ من أعرافِها وتُكذِّبُ
حاطُوا لواءَكَ
باغترابِ وجودِهم
وتزيَّنُوا أحقادَهم وتخضَّبُوا
وأنا هديرٌ عاجزٌ
لغتي صدىً
أرتجُّ
في معنى الخداعِ فأَنضَبُ
ماذا سيكتبُ حبرُ مائي حينَها؟!
وأنا
من السِفرِ المعظَّمِ أُشطَبُ
كفَّاكَ مذ قُطِعا
توارتْ دمعتي
خلفَ الضفافِ
وكذّبتْ ما أكتُبُ
أنا
نهرُ حزنٍ غارقٌ بمياههِ
أشجارُ أحلامي بصبرِكَ تُحطَبُ
يا كافلَ الأيَّامِ رغمَ جفائِها
كفّاكَ
في شَتلِ المحبَّةِ مَذهبُ
فبحقِّ
من هزَّتْ عروشَ أُميَّةٍ
تلكَ الأبيَّةُ في شموخٍ
زينبُ
يا سيَّدي العبّاسُ
جئتُكَ ظامئًا
ليَعودَ لِلضَفَتينِ ماءٌ أَعذبُ
يا سيّدَ الأنهارِ فامنحْ
غُربتي وطنًا
ودعْنِي في بهائِكَ أُنشَبُ
فخفضتُ أجنحتي أَطوفُكَ كعبةً
لا أستريحُ
وهامُ حزنيَ مُترَبُ
مائي صموتٌ
في رحابِكَ ظامئٌ
لا شيءَ إلّا العفوَ
جئتُكَ أَطلبُ
المركز الخامس: محمد العبودي (بَعضٌ ممّا رواهُ الأسى)
المركز الخامس:
بَعضٌ ممّا رواهُ الأسى
محمد جابر لفتة (العبودي)
لَكِ الثّباتُ
وَلي مَا يُقلِقُ الشُّعَرا
هَذي بَقايايَ مُلقاةٌ
وَليسَ ثَرى
مُقَيّدٌ في المَجازاتِ الّتي انْتَظَمَت
عِقدًا فَعِقدًا
وَأنتِ السّيلُ حيثُ أرَى
مُذ قُلتُ لَبّيكِ
حَاولتُ اخْتصارَ فَمي
لكنّهُ وَجعٌ للآنَ مَا اخْتُصرا
بيَ اضْطرابُ المَرايا
حِينَ مرَّ بها ضَوءٌ
فَقامَتْ تَغزلُ الصّورا
تَمشي إليكِ أَحاديثي عَلى مَهَلٍ
خَوفًا بإنْ لا أكونَ الشّاعِرَ الحَذِرا
وَكيفَ يَجتمعان
الشّعرُ مُتَّقِدًا
وَرِعشةُ الشّاعرِ الأبْهى إذا انْبَهَرا
وَلَيسَ يَدري
بإيٍّ مِن مَلامحِهِ سَتختفي
بينَ مَا قالوا وَمَا نَظرَا
وَكلمّا قابَ جُرحًا
ظنّهُ قَبَسٌ
يَرى كُفوفَ غَيورٍ تَمسحُ الأثَرَا
كَفّانِ خَلّفتَا جِسمًا يَذوبُ أسىً
وَحين جُزنَ سَبايَا
فاضَ مُعْتذِرَا
*****************
عِندَ المَغيبِ
دُخانٌ خانَ وِجهتَهُ
وَظلَّ يَخنِقُ مِن خَيباتِهِ المَطَرَا
وَحيرةٌ رَسَمتْ وَجهَ الرّمالِ
فَلا تَدري بإيِّ رِياحٍ
غَادَرَتْ قَمَرَا
يُحَاوِلُ النّهرُ
أنْ يَجري لِخَيمتِها وَيستغيثُ
وَلكنْ حُلمُهُ انْدَثَرَا
لَو كانَ يَخجلُ ذَاكَ الصّبحُ
مَا وَجدتْ سَوطًا عَلى مَتنِها
قَد بَعثرَ العُمُرَا
وَالصّوتُ إلا حسينٌ
مِلءُ شَهقَتِهِا
لكنّهُ مَزّقَ الأحشا
وَما ظَهَرَا
وَالشّاهِدُ التّلُّ
عَن طِفلٍ تُهَدهِدُهُ وَسطَ الرّمادِ:
صدورُ المُتَّقينَ قِرى
في قَلبِ كُلِّ يَتيمٍ
سورةً نَزَلتْ
وللثّواكلِ تُبدي جُرحَهَا عِبَرَا
تَلوذُ فِيها يَتيماتُ الحُسينِ
كَأنْ وَجهَ الحُسينِ
عَلى أَرْدانِها حَظَرَا
تُجيدُ دَورَ البُطولاتِ التي كَثُرتْ
لَكنّها لَم تُبنْ كَسرًا وإنْ كثُرَا
هِيَ اكْتمالٌ لِمشروعِ الهُدى
قَمَرٌ
لمّا تَداعت شُموسُ اللهِ حَلَّ عُرَى
إعْلامُها فِكرةٌ
كَانت تُبلّلُ ما قَد جَفّفَ الرّملُ يومَ الطّفِّ
فَانْتَشَرَا
تَقاسَمَت وأخُوها الرّفضَ
فَاتْخذَتْ مِن حُزنِها سُرُجًا
تَطوِي بهِا السَّفَرَا
كَانتَ كَكافِلِها جَيشًا
وَإنْ سُبيتْ
وَإنْ عَلى عَينِهِا أفْشَى الأسَى خَبَرَا
بِنتُ النّديّيَنِ
لَم يَخدشْ عباءَتَها
قَصرُ الّذي تَركتْ تِيجانَهُ حَجَرَا
لَم يدرِ كَيفَ يُواري عَار ذِلّتِهِ
مِنْ بَعدِ مَا أنْبتَتْ فِي عَرشِهِ الظُفُرَا
وَغَادَرَتْ كَعَليٍ
بَعدَما فَهِموا
إنَّ الَذي اقْترفُوا أضلاعَهُ
انْتَصَرَا
المركز السادس: ناصر زين (عروج بجناح فطرس)
المركز السادس:
عروج بجناح فطرس
ناصر زين (البحرين)
ها هُوَ (عَتِيقُ الحُسينِ) يُحلَّقُ بجَناحٍ سَماويٍ نحوَ لَوحةِ المَلَكُوت، حاملاً لَونيَ الأرضي، حيثُ السّبطُ يُولدُ مِنْ جَديدٍ قُرآنًا مَذبُوحًا بطُفوفِ العُرُوج
____________
يَمْنحُ الرِّيحَ وَجْهَها ..
لِيَطِيرا
يَحملُ الرَّأسَ (جَنَّةً وحَرِيرا)
يَحضنُ النَّزفَ لَوْحةً،
وخِيَامٌ لَوَّنَتْ بالشُّمُوخِ هَذا المَصِيْرا
لائذًا لائذًا بوَردٍ رَسُولٍ ..
وخُيْولُ الرَّدى تَدُوسُ العُطُورا
أَنْبأَ الخَيْلَ .. :
« أَنَّ وَحيًا سَيَأتِيْ بجُسُومٍ سَتَسْتَحِيلُ غَدِيرا »
يَقرأُ الرَّمْلَ بَسْمَلاتٍ،
ورَبٌّ يُنزِلُ النَّحرَ أَنْبيَاءً
ونُوْرا
هَيَّأَ (الطَّفَّ) جِبْرَئيلٌ لِيومٍ
يُولَدُ السِّبطُ مُصْحَفًا
و(زَبُوْرا)
والتِّلاوَاتُ (فُطْرُسٌ) ..
وبُكاءٌ
بخُطَى (زَينَبٍ) يَجدُّ المَسِيْرا
حَيثُ رَكبُ الحُسينِ يَمْشِيْ
فَتَمْشِيْ خَلْفهُ الأَرضُ
أَنْهُرًا..
وبُحُورا
(مَكَّةٌ) غَيْمَةٌ
سَتَخْطُو بدَمْعِ اللَّهِ
فِيْ خَطْوِهِ تَرُشُّ الهَجِيْرا
المَنايا تَسِيرُ خَلْفَ المَرَايا ..
والمَرَايا تَفِيضُ ضَوءًا أَسِيرا
لمْ يَكنْ في القِفَارِ إِلا حَكايَا المَاءِ
تِروِيْ بهِ الِكتَابَ العَفِيرا :
-أينَ أينَ الحُسَينُ؟!
*بَعثٌ جَدِيدٌ !!
-والجِراحَاتُ؟!
*سَوفَ تُبديْ النُّشُورا
في يَدِ الغَيْبِ (أحمدٌ) قد تَجلَّى لحُسينٍ
جَنائنًا وقُصُوْرا
قَبَّلَ العَرشُ نَحرَهُ مَلكُوْتًا ..
حَيثُ ضَمَّ الإِلَهُ (طِفلاً صَغِيْرا)
« سَوفُ آتِيهِ في جَناحِ المَنَافيْ «
قَالَ للرِّيْحِ ..
ثُمَّ شَقَّ الدُّهُورا
– فُطْرُسٌ:
كربلاءُ .. أينَ الهَدَايا؟!
* الحُسينُ:
دَمٌ يَفتُّ الصُّخُورا !!
– فُطْرُسٌ:
ثَمَّ شَمْعَةٌ واحتِراقٌ
* الحُسينُ:
استَدِرْ، لِتَلْقَى الحَبُورا
فَاسْتَدَارَ الزَّمَانُ
والنَّحرُ وَردٌ ..
والمَدى خِنْجرٌ يَجزُّ الجُذُورا
والسُّؤالُ العَبُوسُ: هَلْ حَانَ يَومٌ .. ؟!!
قِيلَ: هَذا ..
ولَمْ يَزلْ قَمْطَرِيرا !!
يَظمأُ النَّهرُ
والحُسَينُ انْهِمَارٌ ..
فَيُحِيْلُ الظَّما شَرابًا طَهُورا
لَمْ يَكنْ في البَيَاضِ إِلّا نَبيًّا
يُجبرُ الكسْرَ ..
والزَّمانَ الكسِيْرا
يَنفخُ الطِّينَ ..
يَخلُقُ الجُرحَ طَيرًا
فَتَلُمُّ السَّماءُ مِنْهُ الطُّيُورا
فالحُسَينُ (المَسِيحُ) يُحييْ زَمانًا
مَيِّتًا
سَحَّ عَتمَةً وقُبُوْرا !!!
عَطَّرَ المَوتَ ..
أَنَّقَ الذَّبحَ حَقلاً
فَانْبَرى الحَقلُ يَستَعِيْدُ الزُّهُورا
و(عَتِيقُ الحُسينِ) ظِلٌ بَصِيرٌ
يَحرثُ الضَّوءَ والفُراتَ الضَّرِيرا
بكُفُوفٍ
مَقطُوعةٍ
بفُراتٍ
يَبذرُ العِشقَ ..
ثُمُّ يَجْني النُّحُورا
فَنُحُورٌ سَنابِلٌ،
وإِلهٌ قالَ فِيها: « تِجارةٌ لنْ تَبُوْرا »
هَا أنا
والصَّدَى
ومَسْرى دُمُوعٍ
نَحوَ رَمْلِ الهُدَى نَمدُّ الجُسُوْرا
جِئتُ للنَّهرِ قِربَةً
عنَّدما سَالتْ جِراحُ السَّمَا
بُذورًا بُذورًا
فاغْتَرَفْتُ الحَياةَ ثَغْرًا
و(عَينًا)
فَجَّرُوْهَا – بأَسْهُمٍ – تَفجِيرا !!
يَعبرُ السَّهمُ
حَيثُ رَبٌّ بِصَدرٍ ..
يَجْعَلُ القَلبَ (بَيْتَهُ المَعمُورا)
يَعبرُ السَّهمُ
نَحوَ ظَهْرِ السَّمَاواتِ انتِشَاءً ..
فَمَنْ يَصُدُّ العُبُورا؟!
خَيمَةُ اللَّهِ في انتِظارٍ لمُهْرٍ
يَحملُ الشَّمسَ
والنَّهارَ الجَسُوْرا
ها هوَ المُهرُ
أُمَّةٌ مِنْ صَهِيلٍ
حِينَ عَزَّ النَّصِيْرُ
كانَ النَّصِيرا
والحُسينُ السَّلامُ
تَوْقِيتُ حَشْرٍ
يَمْنعُ الأَرضَ – بالدِّما – أَنْ تَمُوْرا
قَلَّبَ الوَقتَ أَضْلُعًا وإِبَاءً
كُلَّمَا تَنهَشُ الرِّمَاحُ الصُّدُوْرا
رَأسُهُ حِينَ فَصْلهِ كَانَ حَرفًا
أَرَّخَ الكوْنَ كُلَّهُ
والعُصُوْرا
حَرَّضَ (المَاءَ) سُوْرةً
فَتَشظّى الصَّمْتُ صَوتًا ..
وفَوَّرَ (التَّنْورا) !!
مُسْتَحِيلاً ..
مَرَافئًا ..
شُهَداءً ..
هَكذا حَشَّدَ الظَّمَا و(الخُدُوْرا)
يا لرَأسِ الحُسَينِ
طَافَ الصَّحَارَى
ثَائرًا – يُشعِلُ الدُّنا – وأَمِيرَا
نَازِفًا ..
يَكتُبُ التُّرَابَ انْتِفَاضًا
وحُرُوفًا تَمَرَّدَتْ ..
وسُطُورا
مَوطِنًا مِوطِنًا
كِتَابًا كِتَابًا ..
لَقَّنَ المَوْتَ نَهْضَةً
لَيَثُوْرا
فَيُسَمِّيْهِ: مَوْلِدًا واشْتِعالاً
ويُلَقِّيْهِ نَضْرَةً وسُرُوْرا !!!
المركز السابع: إيمان الشاخوري (تجهيز الراية)
المركز السابع:
تجهيز الراية
إيمان الشاخوري (البحرين)
لا يبايعُ مثليَ مثلكَ
فالموقفُ الحرُّ: سعيٌ
وهذي القوافلُ تفهمني
تنتمي للطريقِ المدجّجِ بالصّبرِ
تصنعُ أجنحةً من لغاتِ المواعيدِ
… أجّلتُ موتي
فما أنتَ فاعلهُ؟!
وتعجّلتُ وقتَ الرّجوعِ
القميصُ: عيونًا تُحَدّقُ في الجرحِ
والدّربُ ذئبٌ أليفٌ
رأيتُ بأنّ الجنوحَ إلى جهةِ اللهِ يحتاجُ خيطًا من القلبِ
كنتُ أحلّقُ…
ساعدني ذو الجناحِ على رؤيةِ الحبِّ من جهةِ الماءِ
حرّضني سهمُ حرملةَ الأسديّ على صيدِ عمرٍ طويلٍ منَ الرّمْلِ
أيقظني الدّمُ: رَطْبًا ومعترفًا بالبقاءِ
تحلّقَ حولي الوشيجُ
أنا في طريقي لإطفاء نارِ جهنّمَ
أنفاسُ إبليسَ تلفحني…
فتقولُ العصا: تستطيعُ المآربُ أن تتعلّمَ أولى خطاها من اليدِ
أتركُ كفّي على رسلها… فتجرُّ الحواسَ إلى خنصرٍ يتهجّى الجراحَ
أعودُ إلى سيرةِ الموقفِ الحرِّ: سعيًا حثيثًا
فيُصنَعُ من جرحِ قلبي مسارٌ يلمُّ رضيعًا يرفرفُ
تسّاقطُ السّنواتُ منَ النّحرِ
يأكلها الهدهدُ المتفهّمُ طعم الغيابِ
هل ارتدَّ طرفكَ؟!
هذي الجروحُ مساكننا…
وردةُ الدَّمِ لا تستدلُّ على عطشي بالذبولِ
تعلّمكمْ كيف تكبرُ فوّاحةً بالحياةِ
تعلّمني كيف أُخرِجُ نفسيَ بيضاء من غيرٍ سوءٍ
ترفرفُ رايتها بالقميصِ المخرَّمِ
تدخلُ فيها الذّئابُ
تعلّمني فطرةَ الانقضاضِ على الموتِ
تدفعني لمجابهةِ الطّعنات
وتحملني فوقها…
راعهم جسدٌ يتهجّى الدّماءَ
فردّوا عليهِ بخيلٍ لها خبرةُ المومياءِ
ولو تُرِكَ الذّئبُ… نامَ!
أرى لغةَ النّارِ تأكلُ أصواتهم
وتوضّحني: «لا أبايعُ.»
حُرًّا ومنتصرًا… لا أزالُ
أسلُّ الجهاتِ إذا سقطتْ طفلةٌ
مرّرَ القاتلونَ لبعضهم البعضِ ثورةَ قَتْلى تواصلُ دورتها حولَ أيّامهم:
رايةً تشرحُ الانتصارَ
وتختصرُ الوقتَ في ساعةٍ لا تزالُ تدقُّ
ولا يهتدي القاتلونَ لإيقافها
المركز الثامن: فيصل النوري (عــطــرُ الوحـيِ الأحـمـر)
المركز الثامن:
عــطــرُ الوحـيِ الأحـمـر
فيصل ميرزا النوري (البحرين)
(عندما تـرشُّ شفةُ الدمعِ الشهيدةُ عطرَها في وجوهِنا.. فتهطلُ في القلوبِ حكايةَ العشقِ والخلودِ الحسيني المعطرة بالوحي الأحمر)
الـنَّـحـرُ وحــيٌ .. والـنـبـوءةُ نــزفـــُـهُ ..
جـبـريــلـهُ عــطــشُ الـحــســيــنِ .. وعــطــفـُــهُ ..
هوَ كـــائـــنٌ حــيٌ ..
ونـصـف كيانهِ ، (قــلــبٌ بــه وجعٌ)..وعــقـلٌ نصفـُـهُ ..
وحيٌ يَـراعٌ .. خــطَّ نـحـراً لـيِّـنـاً ..
لقساوة الأوراقِ يـخـشـعُ حــرفُـهُ ..
نــزلـت صحائـفـهُ ..نــزول ..مـعـلـم ٍ.. قـمـر ٍ..
وشـرط صـعــودهِ هـو خـسـفهُ ..
وطنٌ .. لوعـي الـنـهــر ..
يـدفـعُ صـخرة الـتـرحـالِ ..كي يــظـمى..ويـقـوى ضـعـفُـهُ ..
وبـعـرشـه الـموجوع ..يسكنُ غيهبٌ.. ماضٍ..
لــتجمعَ لــلـعـوالـم كــفـُـهُ ..
كم أوقــفــتُــه .. تلاوة الجسد المعطر بالخلودِ ..
فطاب خلداً وقـفـهُ.
فوق الـسناء.. بــهـاؤه مـتـشكلٌ ..
عـلـمـاً .. وكـفُ المعـجـزاتِ تـرفـهُ..
لـغــة الـمـرايا فــيـه حبلٌ منصتٌ ..
يــمـتـدُ بالـنـور الموشى طــرفهُ ..
لـيـسبح القنديل في أوداجهِ..
مـتـرهبناً يضوي المناسك كهـفـهُ ..
الله يا نـحـراً تـقـبـلـهُ السما..
وملائكٌ العرش الجديلِ تــحــفـهُ..
حـلم الجراح ..
هوالتقاء الرمـل بالماء الغريقِ ..إذا توحد صـفُـهُ..
هو هكذا الوحيُ الحسينُ بعمرنا ..
في كل وجدانِ سينبع رشفهُ ..
هذي الدموع ..عـنـادلٌ زُفـت صدىً ..
تستعذبُ الموالَ حين تـزفُـهُ..
من فـوق أكتاف الصراخ تساقطت..
فزعاً سماواتٌ رعتها كـتـفـهُ..
صنعت من الخيمات كون كرامةٍ ..
وقفت لتدخلَ .. لاح فيها عُــرفُـهُ..
صرخت مساءاتُ الجمالِ تلوح لي..
قد راعني مالا يقدّرُ وصفهُ ..
فدخلتُ باليمنى أحث عوالمي…
والمنتهى نايٌ يـسارعُ عــزفــهُ…
والشوق كشفاً طار يحرم هائماً ..
لـطـواهُ يصـعـدُ والـمـهـابـةُ سـقـفُـهُ..
لأرى بقلبي ما جرى لدعائه …
ولم البياضُ يـُـسالُ حقداً لطفهُ ..؟
وبــلـحــظـة ..لم تحتسب من كوننا ..
قــد أطفأ القمرَ المهجنَ طـيـفُـهُ ..
ثب أيها الوحي الأنيق..تسامياً
جسد البكاء.. بمقلتيكَ تـشـفُّـهُ ..
هل فــز نورك لحظة ..؟
أم معتم..قد ظلَّ ذاك الماء..يُـروَى جوفهُ ..
ما لـون حزن الـنـهـر؟ إن هــو صامتٌ ..
كـالـشـعـر يـُـلحنُ إن تــغــيـّـر ردفهُ..
لا خير في ماءٍ يصلي لم تـفـق ..
تــوبـاتـهُ مـطـراً فـيـرعـدُ قـصـفـهُ..
لا خـيـر فـي دمـع إذا لـم يـنـحـنِ ..
يـمـتـدُ فـي قـمـحِ المـشـاعـرِ جرفـهُ..
ألـقـت زجـاجة حـلـمهـا فـي طفهِ ..
لـيـعـود مـوسـاهـا الـمـهـشـمُ خــوفــهُ ..
مـحـقَ البياض تـكـســراً بــصدورنـا ..
وحـصى الـسـواد بـوجـنـتـيـهِ يـلـفـُهُ ..
كم أمطرت رسل السحاب صباحها ..
ويباس وحي الليل يحصدُ سـيـفـهُ ..
لا نخلَ يذكر ما جنت سـعـفـاتـهُ..
لا شمس تـبكي لحظة هيَ حــتــفُــهُ ..
لا قــوس يـخـلـعُ ثـوبَ رابـيـة المـسـا..
لا سـهـمَ يـنـصـتُ للـكـنـانـةِ طــرفـُـهُ ..
يا ساقياً للضوء خذ قربـاتـنـا ..
واملأ حكاياها لتصحو طـفُّــهُ..
فـصهـيل هذا الشوق جــرّ لجامه ..
ليذوب في صبح المشاعر عـطفهُ..
عـطـر السماء ووحيها وحراؤها..
قـد شـفَّـهـا الـنـحـرُ الـنـبـيُ وطـفُّـهُ ..
المركز التاسع: حيدر خشان الجابري (آخر الحواريين)
المركز التاسع:
آخِرُ الحَواريِّين
حيدر خشان الجابري (العراق)
أسيرةُ وَجْدٍ وهْوَ عاشقُها الصَّبُّ
فأسْرى بهِ إذْ شفَّ خاطرَهُ الُحبُّ
تراءى لديهِ اللهُ في أرضِ كربلا
“وأقربُ من حبلِ الوريدِ بهِ القُرْبُ”
فصالَ وكانتْ تتَّقي كبرياءهُ
وتسقيهِ مِنْ رمضائها السوحُ والحَرْبُ
توثَّبَ لا مُستكثراً كَثرةَ الثَّرى
ولا مُستفَزّاً حينَ جَلَّ بهِ الخَطْبُ
أشارَ على هاماتِهم أنْ ترجّلي
عَنِ الكِتـْفِ، وَلْيحصدْهمُ الصَّارمُ العَضْبُ
فخُيِّلَ أنْ جاءتْهمُ سَكْرَةُ الرَّدى
وكلُّ الأماني في وساوسِهمْ نـَهْبُ
وشَيَّعَهُ رَكْبُ الإبا في نزولِهِ
عنِ السَّرْجِ ، والأمْلاكُ مِنْ حولِهِ سِرْبُ
فنالَ بِها ما لمْ ينلْهُ ابنُ مريمٍ
لِيَحْفِلَ في كِلْتيهِما الذَّبْحُ والصَّلْبُ
ووحْدَكَ لـمّا طِحْتَ لمْ تتّكئْ على
عزيزٍ، فطاحوا قبلَكَ الأهْلُ والصَّحْبُ !
فأغْرَتْ دِماكَ الحُمْرُ ريّانَ مائها
وهانَ على ساقِيهما الشُّحُّ والجَدْبُ
فَشابَ لـِمَعْناكَ الذي ما وراءهُ
وشاخَ بِهِ مَنْ كان في دربهِ يحْبو
ولولاكَ لمْ تعرِفْ رُبــــًى ما يَسُرُّها
ولولاكَ كادَتْ للذي هانَها تصْبو
ولَمْ تَدْرِ ما الدَّمْعُ الذي يَسْتَفِزُّها
مِنَ العينِ ، إلّا حينما دَمَعَ القَلْبُ
ولمْ نصْطَبرْ للفَقْدِ إلّا بفقْدِهِ
لنُدرِكَ ما في كربلا ما هُو الكَرْبُ
فكانتْ لَهُ لـمّا سَقاها شَحِيحَةً
وكان به لـمّا سقَتْهُ المنى شَخْبُ
فتـًى عَفْوُهُ عَفْوُ النَّبـيِّ وَحَزْمُهُ
عَليٌّ ومِنْ بُقيا شمائلِهمْ ضَرْبُ
وجُرْحٌ بليغٌ ما أشارَ لِفِتْيةٍ
على اللهِ إلّا مِنْ مضاجعِهمْ هَبُّوا
سيُلقي على ليلِ العراقِ قميصَهُ
ويَبـْرأُ مِمَّنْ زيَّفَ الجُبُّ والذِّئْبُ
ويَخْضَرُّ حقْلٌ أوحشَتْهُ مناجلُ الـ
ـخياناتِ ، والأحقادُ من حولهِ تَرْبو
فإنَّ بلادَ الميِّتينَ يتيمةٌ
وأقسى على قَلْبِ اليتيمِ بها النَّدْبُ
وما رُفِعَتْ إلّا وهـِيْ تستحقُّهُ
وما نُصِبَتْ إلّا ولاقَ بها النَّصْبُ
لِذا أُمَّةٌ عَطْشى وأُخْرى رَويّةٌ
وأنتَ بِلا هذي وذي مَوْرِدٌ عَذْبُ
ويطلُعُ فجْرٌ بعْدَ حالِكِ ليلةٍ
وشرْقٌ عراقيُّ الضُّحى ما لَهُ غَرْبُ
فشتّانَ ، مَنْ يَعْلو بهِ نُبْلُهُ ومَنْ
يحاوِلُ أنْ يعلو بهِ الشَّتمُ والسَّبُّ
فقالَ لهمْ للهِ ما جئتُ أبتغي
لكمْ في الهوى رَبٌّ وليْ في الهوى ربُّ
المركز العاشر: قاسم العابدي (مسرى بتمتمة الجراح)
المركز العاشر:
مسرى بتمتمة الجراح
قاسم العابدي (العراق)
في الليل حيثُ الصّمتُ تاهَ بظلِّهِ
والشّوكُ في الصّحراءِ غاصَ برملِهِ
يمشي الفتى القُدسيُّ يحملُ كاهلَ
ال دّنيا ويُلقيها بلمعةِ نَصلِهِ
لكنَّ في عينَيهِ حزنَ نبوءةٍ
ألقَتْ مَراسيها بمرفأ رَحلِهِ
يهفو إلى المسرى ويبصرُ ما أتى
من ذلك الأفقِ العجيبِ بسُؤلِهِ
تركَ الحجازَ وراءَهُ وأتى إلى
تربِ العراقِ وقدْ أتاهُ بأهلِهِ
ورأى على ذاكَ التّرابِ مصارعاً
للأصفياءِ الناطقينَ بفضلِهِ
وأتى صباحُ الطّفِّ كانَ مُكلَّلاً
بخُطى الجراحِ ولوحةٍ مِن فَصلِهِ
الخيلُ في الميدانِ تصهُلُ بالبُكا
لكنَّ حقدَ القومِ باحَ بغِلِّهِ
ورنا الحسينُ إلى القلوبِ فلمْ يجِدْ
إلا قلوبَ التاركينَ لنهلِهِ
لكنَّ في أضلاعِهِ قلباً رأى
أنَّ الحقيقةَ تستقيمُ بقتلِهِ
فمَشى وجنحُ الموتِ رفرفَ فوقَهُ
حتّى كأنَّ الموتَ تاقَ لوصلِهِ
ماعادَ في الأكوانِ ثمّةَ مقلةٌ
إلا ترامَتْ في منابعِ بَذلِهِ
النَّبلُ من كلّ الجهاتِ أتى إلى
أحضانِهِ شوقاً ولاذَ بنُبلِهِ
والسّيفُ إذ ألقى خُدودَ شفارِهِ
في نحرِ من ملأَ الزّمانَ بعَدلِهِ
قد كانَ يُبصرُ فيهِ مِحرابَ السّما
فأتى ليرويَ مِنْ تفانِي وَبلِهِ
وهنا توقَّفَتِ الحياةُ فقُطبُها
نزفَتْ دِماهُ على خرائطِ طَلِّهِ
لكنَّ مِن ذاكَ النزيفِ تَدوَّنَتْ
لغةُ الإباءِ على رحابِ سجلّه
نتائج مسابقة شاعر الحسين الثالثة عشرة 1443 / 2021
نتائج مسابقة شاعر الحسين الثالثة عشرة 1443 / 2021
المركز |
الشاعر |
البلد |
النص |
1 |
السيد علوي السيد أحمد الغريفي |
(النعيم – البحرين) |
قابَ مِعراجَينِ
|
2 |
حبيب علي المعاتيق |
(القطيف – السعودية) |
أسئلةٌ على ضفاف النهر |
3 |
سيد أحمد هاشم العلوي |
(السنابس – البحرين) |
إِذا اشتَـعَـل اشتَـغَـل بالغِــنَاء |
4 |
د. أحمد جاسم مسلم الخيّال |
(بابل – العراق) |
ما لم يُروَ من اعتذاريّةِ
|
5 |
محمد جبار لفته(محمد العبودي) |
(العراق) |
بَعضٌ ممّا رواهُ الأسى |
6 |
ناصر زين |
(السنابس – البحرين) |
عُروجٌ بجَناحِ (فُطْرُس) |
7 |
إيمان الشاخوري |
(الشاخورة- البحرين) |
تجهيز الراية |
8 |
فيصل ميرزا النوري |
(السنابس – البحرين) |
عــطــرُ الوحـيِ الأحـمـر |
9 |
حيدر خشّان ياسين الجابري |
(الناصرية – العراق) |
آخِرُ الحَواريِّين |
10 |
قاسم عبدالعباس راضي العابدي |
(الديوانية -العراق) |
مسرى بتمتمة الجراح |